القيادة التكيفية Adaptive Leadership

القيادة التكيفية Adaptive Leadership
 

تخيل معي منهجية قيادة ابتكارية تجعل فريقك أو ادارتك أو مؤسستك مثل الشجرة قوية الجذور، ولكنها في نفس الوقت شديدة المرونة أمام الرياح والعواصف والتغيرات الجوية القوية.

هذا بالضبط هو ما تقدمه منهجية القيادة التكيفية، فهي نهج قيادي حديث تم تطويره بواسطة البروفسير رونالد هيفيتز (Ronald Heifetz)، أستاذ القيادة في كلية كينيدي بجامعة هارفارد، بالتعاون مع زميله مارتي لينسكي (Marty Linsky). حيث أدركوا أن فرق العمل والإدارات والمؤسسات القادرة على البقاء في بيئات الأعمال المعاصرة، يجب أن تكون مثل هذه الشجرة، متمسكين بقيمهم ورؤيتهم ورسالتهم، ولكنهم في نفس الوقت قادرين على التأقلم والتكيف مع العواصف (الظروف والمغيرات) دون أن ينكسروا.

ببساطة القيادة التكيفية هي نهج قيادي يعزز قدرة القائد على التكيف مع كافة المتغيرات المحيطة، من خلال تعزيز قدرة فريقه أو إدارته أو مؤسسته على التحليل الدقيق للمتغيرات المحيطة، والتنبؤ بالتغيرات المستقبلية، وكذلك تعزيز قدرتهم على الاستجابة الملائمة لهذه التحديات، من خلال تعزيز ثقافة التعلم المستمر والمسئولية المشتركة.

ستكتشف خلال المقال التالي الذي لن يستغرق منك أكثر من 5 دقائق لماذا تحتاج مؤسستك الى هذا النهج القيادي الجديد (القيادة التكيفية Adaptive Leadership)، وكيف تصبح قائداً تكيفياً، ومجالات نجاح نهج القيادة التكيفية.

لماذا تحتاج منظمتك إلى القيادة التكيفية؟

ببساطة، كما تتكيف الشجرة مع تغيرات الطقس، يجب على المنظمات والإدارات والفرق اليوم أن تتكيف مع متغيرات السوق، والتكنولوجيا، وتوقعات العملاء، والمتغيرات الاقتصادية، والسياسية، والقانونية، وغيرها من البيئات الداخلية والخارجية المباشرة وغير المباشرة. القيادة التكيفية تضمن أن تكون مؤسستك قوية الجذور، ولكن مرنة الأفرع، قادرة على استيعاب المتغيرات وتوجيهها لخدمة الأهداف العامة.

كيف تصبح قائدًا تكيفيًا؟

  1. اكتشاف التحديات التكيفية:

تخيل قائد فريق عمل في مجال تكنولوجيا المعلومات واجه فجأة توقف النظام الإلكتروني. قد يبدو الحل بسيطًا، مثل إعادة تشغيل الخوادم أو تغيير بعض البرمجيات. لكن إذا كانت المشكلة أعمق –تتعلق بجدارات فريق العمل، أو معدلات دوران أعضاء الفريق أو تتعلق بتقادم منهجيات العمل، أو ظهور تحديات جديدة في السوق- فإن الحلول التقنية وحدها لا تكفي. هنا يحتاج القائد إلى التفكير بشكل تكيفي، حيث يدرك أن مثل هذه المشاكل تتطلب تغييرًا في بعض الإستراتيجيات أو منهجيات العمل أو القيادة.

  1. التفكير كمنظومة:

كما ترتبط الأشجار ببعضها تحت الأرض من خلال الجذور، كذلك فرق العمل داخل المنظمة ترتبط ببعضها بالعديد من الارتباطات الثقافية والتنظيمية والمؤسسية. القادة التكيفيون يدركون هذه الشبكة الخفية ويعرفون أن كل قرار يؤثر على الجميع. فهم لا ينظرون للمشكلة بمعزل عن السياق العام، بل يتعاملون مع المنظمة ككيان مترابط. على سبيل المثال، عندما تخطط الشركة لتغيير استراتيجياتها التسويقية، يتعين على القائد فهم كيف سيؤثر هذا التغيير على فرق المبيعات وخدمة العملاء، وضمان تماسك الجميع حول هدف واحد.

  1. التجربة والتعلم المستمر:

كما لا تتوقف الأشجار عن النمو وتجديد الفروع والأوراق وفي نفس الوقت تقوية الجذور لتصبح أكثر صلابة، القادة التكيفيون أيضاً لا يتوقفون عن التعلم والتطور وتعزيز قوة الثقافة التنظيمية والبناء المؤسسي. على سبيل المثال، شركة مثل أمازون قامت بتجربة فكرة “توصيل الطرود بالطائرات بدون طيار”. لم تكن هذه الفكرة مجرد تجربة عابرة، بل كانت جزءًا من منهجية تعلم مستمرة تتبناها الشركة. ربما لم تنجح الفكرة على الفور، لكنها وضعت الشركة في موقع متقدم فيما يتعلق بتكنولوجيا المستقبل، وخلقت ثقافة تتيح للموظفين التفكير الإبداعي وتجربة أفكار جديدة.

  1. إدارة المقاومة وتوجيهها:

عندما تهب رياح قوية، تحرك الشجرة فروعها لتخفف من تأثير العاصفة، لكنها تظل ثابتة بجذورها. كذلك يجب على القائد التكيفي أن يكون ثابتًا في قيمه وأهدافه لكنه مرن في التعامل مع ردود أفعال فريقه. لنفترض أنك قائد تنوي إدخال نظام عمل جديد يعتمد على الذكاء الاصطناعي. قد تواجه مقاومة من بعض الموظفين الذين يخشون أن يفقدوا وظائفهم. هنا يأتي دورك في تهدئة مخاوفهم، وإظهار أن التغيير سيخلق فرصًا جديدة للتعلم والنمو الوظيفي، بدلًا من أن يهدد استقرارهم.

  1. بناء ثقافة التطور الجماعي:

كلنا ندرك أن الشجرة الواحدة لن تستطيع وحدها إحداث تغيير كبير في تحسين المناخ، ولكن الأشجار مجتمعة قادرة على إحداث تغيير كبير في المناخ، وكذلك القائد التكيفي يعلم أن سبيله الأساسي لتعظيم الأثر، هي التكاتف مع الإدارات والفرق والمؤسسات الأخرى ومن ثم بناء ثقافة التطوير الجماعي.

مجالات القيادة التكيفية

إن اتباع نهج القيادة التكيفية يعني التحول من أسلوب القيادة التقليدي الثابت إلى أسلوب مرن ومتجدد يواكب العصر. تستطيع القيادة التكيفية أن تحدث فرقًا كبيرًا في عدة مجالات، مثل:

  • التحولات الرقمية: المنظمات التي تعتمد على قيادة تكيفية تستطيع مواجهة تحديات التحول الرقمي بمرونة، حيث يتم دعم الجميع ليتأقلموا مع التقنيات الجديدة.
  • إدارة الأزمات: سواء كانت أزمة اقتصادية أو جائحة، يستطيع القادة التكيفيون تحويل التحديات إلى فرص من خلال الاستفادة من التجارب السابقة وتبني مرونة جديدة في اتخاذ القرارات.
  • إعادة الهيكلة والتطوير المؤسسي: القيادة التكيفية تضمن أنه عندما تعيد هيكلة منظمتك، فإن الجميع يشارك برؤية مشتركة، مما يعزز من نجاح التحول ويساعد في بناء ثقافة مرنة ومستدامة.

كن القائد الذي يلهم ويتكيف

في نهاية المطاف، القيادة التكيفية ليست مجرد أسلوب قيادة، بل هي فلسفة. هي القدرة على النمو مع التحديات، والقدرة على إلهام فريقك وتحفيزه ليصبح جزءًا من التغيير. تذكر أن الشجرة لا تنمو وحدها، بل تزدهر في بيئة تدعمها. كن ذلك القائد الذي يخلق بيئة تشجع على النمو، ويجعل من مؤسسته قوية الجذور ومرنة الأفرع، قادرة على مواجهة كل ما يحمله المستقبل. إذا كنت تريد أن تنمي جدارات في مجال القيادة التكيفية من خلال دورة تدريبية عملية وتفاعلية مكثفة يمكنك الانضمام لدورتنا التدريبية المقدمة من جلوماكس حول القيادة التكيفية والتي سيكتشف المشاركين من خلالها المزيد حول القيادة التكيفية، وأهميتها، ومزاياها، ومحدداتها، وعناصرها، وكذلك سيتقنون استخدام أدواتها المستخدمة في التحفيز وإدارة التغيير وإدارة عملية التعلم التنظيمي واتخاذ القرارات وحل المشكلات في ظروف العمل غير العادية

للإشتراك بالنشرة التدريبية

    جلوماكس للتدريب و الإستشارات
    الدردشة مع مساعد

    لارا
    مرحبا بك
    كيف يمكنني مساعدتك؟
    1:40
    ×